Wednesday, July 1, 2020

الكاتب القدير أ. Kareem Al zaidi / النص / الوحي الأدبي

الوحي الادبي
.....................

ان مفهوم الوحي لغويا يطلق على الايماء والاشارة ، كما يطلق على الالهام الذي يقع في النفس ، وهو اخفى من الايماء ، فيما راح اللغويين الى تعريفه بالكلام الخفي وكل ما يلقى الى الغير ، وبعثه اليه .

وما يهمنا هنا معناه في الادب الذي نرى هو الهام غريزي وانبثاق الفكرة في ذهن الكاتب والقاءها في قلبه حتى يراها رؤية يأخذ بها ويقرها في مادة مكتوبة فيصيغها بما يجتهد موضوعا وفهما يقترب بها من ذهن القارئ او المتلقي لتبعث ثانية بصور وتوصيف جديد تقارب في معناها ومضمونها اصل الايحاء.

وبهذه المقدمة المبسطة لمعنى ومفهوم الايحاء في الادب نحاول ان نقرب ما استطعنا فكرة ميول الكثير من الادباء ، شعراء وكتاب ولغويين الى الاستسقاء من ينابيع الادب واعادة تدوير نتاجها من نفائس وكنوز بصور واشكال تحاكي خيال وبيئة ورؤى وهاجس تلك الينابيع لا بقصد التقليد والطبع ، بل لما في هذه من مصادر وكنوز ادبية تخلدت في نفوس الناس واستمر وهج بريقها وسطع سنا ضياءها في الساحة الادبية لاصالتها وبناءها المستعصم الصامد بوجه كل اعاصير وموجات الفكر المحدث والمجدد بكل عناوينه وراياته.

الا ان المهم في الاستلهام والتلّقن ان صح التعبير مادة النص الادبي وروحه وما يتمكن فيه المستلهم من نقل الحس والموضوع بكل دقائق احداثه وترتيبها ورسمها بوحي روحي صادق لا يغادر فيه منابع استسقاءه بما يفرغ مضمونه ومحتواه، وبمعنى ادق ان يضع الروح في جسد ثان يحافظ على كل معانيها.

ولربما يسأل سائل عن مغزى هذا المقال وغايته ، وتكون اجابتنا الجاهزة لانه لا ضير ولا ضرار من بعث الروح في الادب المتعافى من كل امراض التمثيل والتقليد والهجين وتفعيله بنفس وروح متجددة باعتباره ارث حقيقي لمجد ادبي يستحق الحفاظ عليه وتوريثه والاستسقاء من ينابيعه المتجذرة بالاصالة والعراقة والرصانة ، على ان تكون هذه الغاية بعيدة عن التقليد والاتباع والمماثلة وان تعود على الابداع والابتكار والتجديد بمقاييس ومعاني الايحاء والاكتشاف والاستحداث والخلق .

ولكل هذا فقد استهوتني في قرائتي للعديد من النصوص الادبية في القصة والشعر والمقالة والاغنية فكرة الاستسقاء هذه ، خاصة وان معظمها لايزال قائما تتداوله نفوس والسنة الناس
التي استهوتها بمعانيها ومضامينها وحسها الانساني والروحي ، وتجاوزت فكرة الخوف من نهج التقليد والتمثيل لأضع من وحي عنوانها نتاجا ادبيا يحمل الروح والمضمون ولكنه يحاكي الحس والوجس والشعور .

اتمنى ان وفقت في الاختيار والمحاكاة في بعض منها ، فكانت قصيدتي (من وحي الاطلال وانا وليلى ) نموذجا لها ،وكل المنى والرجاء ان تنال الاعجاب والتقليد ، واليكم نشرا لها في هذا المقال ومن الله التوفيق

1. مِن وَحْي أَنَا وَلَيْلى
. . . . . . . . . . . . . . . . 

أَبدَأ بِقَلْبِك وَأَسْأَل عَن معاناتي
وَأَمْسِك حرابِكَ أَبَلَّت فِي جراحاتي

وَاخْفِضْ جَنَاحَك مَا هَانَت مودتنا
مَاضٍ مِنْ الْأَيَّامِ وَلَّت وَلَا آتِ

النَّارُ تدفعني فِيهَا بِلَا جُرُمٍ
خَلْقًا عَرَفْنَاه فِيكُم وثاراتي

ابدَأ بِقَلْبِك مِنْ أفتی لَهُ سَبَبًا
حتی أَجَاز سَبِيلًا فِي معاداتي

الُلَّيْلُ لَا تَسْكُن إلَيْه جَوَارِحِي
وَالصُّبْحُ أمضی مِنْهُ فِي ذَاتِي

اللَّوْمُ والأفواهُ لَمْ تَبْقِ لَنَا أمَلاً
حَرْبًا عَلَيْنَا وَلَا أَجَدْت نداءاتي

وَاتْرُك يَمِينِك تجثو فَوْق أوردتي
وَانْظُر بِعَيْنِك وَأَسْمَع نَزَف آهاتي

ماهزكَ الشَّوْق ماهزتكَ آلامِي
لَن تُعْرَفَ الْوَجْد إلَّا فِي عذاباتي

دَهْرٌ وَهَذَا الْقَلْب تَسَعَّر ناره
ماأطفئ الصَّبْر شَيْئًا مِنْ مُنَاجَاتِي

سَكرىٰ الْعُيُون و مازارها وَسَنٌ
أجْفَانُهَا ذبلی بِسَهْم اللَّحْظ أمواتي

أخشی عَلَيْك وَقَلْبِي أَنْتَ سَاكِنُهُ
أَنْ تَبْلُغَ النَّار جَنباً مِنْ نهاياتي

غَابَت بِلَا أُفُقٍ شَمْسِي أفارِقُها
وغفت علی عَجَّلٍ قَهْرًا صباحاتي

أَبَت بَعْدَ طُولِ الْهَجْر تعصرني
أَيْدِي الزَّمَان وأملت مِنْه كاساتي

لاتحسبي جُرْحِي وَهناً فأحمله
لَا الرَّوْع أَقْبَلُه وَلَا الْإِدْبَار عاداتي

2. من وحي الاطلال
...........................

ياحَبِيباً إنْ تَقُلْ ضاعَ ألهَوى
ما حَفِظنا عَهدَهُ حَتى بَقى

لَمْ تَمُدْ قُرباً يَداكَ لِتَفتَدِي
مَنْ لَقى مِنكَ تَجافٍ وَدَنا

مِنْ رَيّا ألوّدِ سَقانا كَأسَهُ
فَرَوانا شُربُ ثَملٍ وَرَوى

وَرَسُولاً ظَلَّ يَدنُو بَينَنا
وَنَدِيماً كُلَّما زَفَّ سَقى

وَحَدِيثاً يَحبُو طِفلاً حَولَنا
بِدَلالٍ إنْ دَعَوناهُ حَبـى

ماجَفى مِنا وَلا عَنّا عَدا
بِحَنانٍ جاءَ داعٍ وَجَـرى

ظَلَّ يَدعُونا ألَيهِ ما أكتَفـى
ٍيَرثِي فِينا كُلَ حِينٍ ما قَضى

ياحَبِيباً أسرَعَتْ فيِنا ألخُطى
فَأضَعنا مِن أيّادِينا أللـُّقى

وَقِطاراً مِثلُهُ ألعُمرٍُ جـَرى
ما لَحِقنا فِيهِ سَبقاً فَمَضى

وَتَوارى لَيتَهُ أبطـى لَنا
فَقَطَعنا فِيهِ ما فاتَ ألخُطى

وَصَحونا فَأذا ألحُلمُ غَفا
بَينَ جَفنَينا وَما عُدنا نَرى

لا تَقُولِي قَولَ نَمّٰامٍ إذا
تاهَ دَرباً رُبَّما عَنا خَفى

وَرَبِيعاً جاءَ مِنْ غَيرِ هُدىً
مَرَّ فِينا أبدَلَ ألرَيَّ حَصى

ياحَبِيباً لَيسَ إثماً أو جَنىً
مَنْ دَعاهُ ألقَلبَ حُبّاً فَأبى

أو خَفى شَوقاً لِعَينٍ وَأدَّعى
أنَّهُ خـالٍ وَما ذاقَ ألهَـوى

رُبَّ يَلقاهُ أذا ألعُمرُ سَرى
وَتَوَلاه فَأغنى مِنهُ ما وَرى

فَأنتَظِر ياجُرفُ فَالمَدُ أتى
بَعدَ جَزرٍ لاهِثاً حَتمَ ألطَمى

وَألتَفِت ياقَلـبُ ما ضاعَ وَلا
ضاقَ صَبراً بَل هَدانا وَأبتَلى

............................................

عبد الكريم احمد الزيدي
العراق / بَغداد


No comments:

Post a Comment