Monday, June 1, 2020

الاديب القدير استاذ Az khalid النص الى أبي فقط

إلى أبي فقط
————
أبي
لا يفهمني أحد
غير قبرك المكتظ بالأرواح
ولا تفهمني أبجديةٌ
غير ارتعاش الأقلام المعلقة على الأغصان ،
اليوم أمام أبواب المناسبات
أناشدُ هزاتِ الرّيح
لعل الرثاء يسقط في بئرِ الأحزانِ لنضوج الدمعات .
أبي
كنتُ أنتظرُ طولي يصبح مثل طولك
وألبس ثيابك لتناسب ضآلتي
ها لقد فشلتُ في تناولِ أطراف ظلّك
فالموت رسمَ الفجوةَ بين الحلم والظلال .
أبي
كنتَ لي صندوقاً
يحتويني ويحتوي كنوزا
استعملت منها
درعَ القسوةِ وأفصاصَ الصبر
وعلب تدخينٍ أواجه
بها قسوةَ الأرضِ أينّما تكون .
أبي
أرى من بعيدٍ روحكَ تلوّحَ للأخيار
تريدُ أن يرجعوا إليكَ بدلةَ الصحراء
( والسدارة ) ذات الخط الأخضر
كي تشارك الشباب في ساحة التحرير .
أبي
لم ينته الربيع بانتهاءِ السّحاب
حتى تدفقت أخبارُ الطيورِ
عن وطنٍ غادرنا
ودجلة مذبوحة
بخناجر من حجرِ في زمن الأخيار.
أبتاه
كبرَ الأحفادُ وغدوا أعقل مني بكثير
وأدهى مني حتى الصغار 
أنّهم يعرفون كيف يربحون في تجارةٍ تبور
بينما أنا أقتفي أثرك
في بقايا عيدان الثقاب وحكايات ثورة الأحرار .
أبي
لقد طالَ السفرُ واضمحلَ الطريق
لا أثر  للمحطات كي نلتقي 
ربما هناك فضائل تستكمل جو اللقاء
أشكو إليك ما جرى في الجوامع
وأجنحة الطيران وعصا الطبول
وعن فراغٍ يغتالُ فراغي
برصاصاتِ الوحدةِ وهفواتِ العمر البائن.
أبي
هرمتُ وأنا محمولٌ على دراجتك الخضراء
وفي كفي ( فرارة الورق ) تدور كلّما يصفعها حظ الهواء
ما أسعد حظاً ألتقطه من كفيك .
أبي
هرمتُ لهذا اليوم وأنا أكتب
مباشرةً كيف ذهبتَ مخيراً
لتسكن خيامَ النجباء
بينما كنتُ ألوذ خلفَكَ
كلّما أرى الموت .
أبي
اغفرْ لي مثلما غفرت لغيابك
اغفرْ لضحكاتي حيث أعيب عليك سراً
كلّما تصحو مبكراً صحبة الشاي ولفائف السكائر ،
اغفرْ لمزاحي من نهوضكَ فجر اليوم الأول من ( مايو )
تنتظر راتبك التقاعدي أمام بوابة المصرف
وتاه عيد العمال من تقاويمك .
أبي
صرتُ مثلكَ أنهضُ بلا منبهٍ 
أسامرُ الندى الغافي فوق أوراق النهار
أصبحتُ من بعدك أحرس الدار
وأغلق البابَ خلفَ الليلِ جيداً لأنك لن تعود
حتى لا تعاتبني يوماً حينما أعود متأخرا
رفقة أصحابي ، لا تقلق لن أخرج بعد أشراً ولا بطراً
إلا لقضاء الحاجات
منها مناديل تشفي غليلَ الوجنات ،
الدمعات حائرات ، الوريقات الساهرات ،
أبي
لقد ضاعت شاهدة قبرك بين زحمة الأموات
طال الدرب على عافيتي كيف السبيل
ما الوسيلة ؟  …
دلّني إليك
لقد حطم العكازَ أصغرُ  الأحفاد
تعال ولو مثل الطيف
في أمسيةٍ فارغةٍ من شخير الغابة
أخبرني كيف عندكم السمر ؟
………………………
عبدالزهرة خالد - البصرة

ذكرى وفاة والدي في ٣٠-٥-٢٠٠٥
الله يرحم أمواتنا وأمواتكم جميعا.


No comments:

Post a Comment