الاســـراء بـــلا خـــريطة
------------------------------
كئيب، مخذول لا أهل ، لا صديق أتجول كالضباب كقرية محروقة حنين جامح يلسعني مثل الهواء العليل طريق طويل غابة تبدو أحراشا من بعيد
أمي مدّي ذراعيك أيتها العجوز البعيدة عني بجلبابك الاسود دعيني ألمس عباءتك السوداء مسبحتك الطويلة دعيني أمسح عينيّ بهامتك الناحلة أنشج على صدرك العجوز لِأتحسس طفولتي وحزني مدرارا دموعي قلبي يختنق مثل أجراس الدم طفولتي شبح تبعتني حتى مشيبي كغجرية محلولة الجدائل.. مقبرة القرية على سفح تل مظلمة كئيبة معتم واديها الليل أشد سوادا يسير في أزقة القرية والسواقي ،عاد أبي مضرجا بدمائه، جدي مقتولا على جواديهما من صدر أبي ألهزيل ينتفض سعال الوديان حشرجة عجلات العربات المهشمة انين الجرحى بين الصخور، وحصى الرمال كان أبي يحدو حداء للرجال المغدورين الضائعين، وقطيع القرية الميت،
على حجارتها وحصاها ترنو الجبال والحجارة لِأبي النهر يرافقه في تاله
انطفأ أبي كشمعة أمام الريح يتألم بصبر كالماء حول الزورق يرفرف الألم الخائن بجناحيه موت أبي معلقا بخاصرة جواده ويلج صدره كأنين هواء بارد، قابل الموت بجبهة إباء قابله وهو ينشد الحداء شفاه لينة عند الاحتدام
من رغوة الغضب، قصتي تبدأ الليلة أو صباحا حيث تتراكم الغيوم السوداء تحمل لي رائحة الاجداد والسرير الدافئ والنار سهراتنا بين أشجار الغاب مضاءة بالنيران أو أن أكون لا شيء فلا أغرم بحبّ القرية وكالبدوي لي ضفيرة خلفية وإزلاف أركض أجري وراء القوافل أسرج فرسي في ليالي الشتاء عند هرجي أسمع ضجيج نواح الاشجار شعري كالغجري لامع صدري عريض وأكتافي أكثر، قويان ألّف عباءتي حول خصري أنني أكثر فوضى ، وأسرع من زورق خفيف، وقفت خجلا أمام مرآتي نصف عار وحافي القدمين أنظر لوجهي لأصابع كفي مثل صقر الجبال الرمادي، لي حلم أفرح به حلم لأهلي بلون جراريهم أنا بيداء واسعة عميقة يداي قويتان أضرب بهما الساحات الممتلئة بالنحيب والعويل كل النجوم أنا، أسير بقدميّ العاريتين الجريحتين أسير على قلبي.. فوضوي أنا مفعم حيوية أسري بلا خرائط لا نجوم تهديني لا أبحر بزوارق عيناي بليدتان، وحيد، حزين كل أيامي غدت متشابهة لا يتبدل لحنها، جريح أرنو التسامي وأرفرف كعاشق أطأ الحقول والمروج، قريني ، جرى في فمي صحراوي بجدائل طويلة فمي فاغر يتكّلن كثيرا عليه أن يُطعم يا قريتي ،أصابعي الطويلة ترتعش تضفر الحبال تكتب الخبز ونثاث المطر، النجوم غابت من سمائي، الكلمة شردت من مخدعي من حقولي من غاباتي، كنت أنوي التراسل كتابة عن الفقر والتسكع عن قريتي في مهب الريح وعن نوافذها الزرقاء، ذكرياتي متساقطة عباءتي مهلهلة والجلباب لا أستطيع، قلبي كالنسمة الباردة ،شمالية لا أستطيع التراسل بالكتابة، قريتي عارية الاوراق حزينة، يا أغنية صحراوية، صوت البواخر الحزين ،ليلي طويل كمحبرة سوداء مدلاة تسقط وترتطم تتبعثر شظايا، كأنني من قرى غابرة، غرفتي مهملة قذرة أحلم أحلام اليقظة أن أكون ذو شأن أبكي بنحيب قاتل، أبكي بنحيب قاتل، يهبط قلبي كما هبطت دواة حبري ،أتأهب للرحيل قبضتي على خنجري عيناي محلقتان كعيون نسر.. انا العربي؟!
**********
المفرجي الحسيني
الاسراء بلا خريطة
العراق/بغداد
2/12/2020
Wednesday, December 2, 2020
الأديب القدير الرائع د. المفرجي الحسيني/ النص / الأسراء بلا خريطة
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment