حكايةُ صخرٍ ومنى
كانَ صخرٌ في المنافي ساكِنا
والمنافي قد رآها موْطِنا
لمْ يكنْ يدري بأنَّ المَوطِنا
صارَ للْأغرابِ ظُلمًا مَسْكَنا
ذاتَ يومٍ قالتِ الأختُ منى:
- "يا أخي منْ قبلُ لم نحيا هُنا"
- "يا منى صبرًا على جهلي أنا
واشرحي لي القولَ أوْ ماذا عنى؟"
" -في عروسِ البحرِ يا صخرٌ لنا
منزِلٌ مثلَ الأهالي حولنا
قبلَ أنْ فرّقَ غازٍ شملَنا
عندما هجّرَ غصْبًا أهلَنا"
- "كيف يا أختي اسْتَباحوا عِرضَنا؟
كيفَ جاؤوا ثمَّ ضمّوا أرضَنا؟
بل وعادى البعضُ منا بعضَنا؟
- "قلْ وجاءَ البعضُ منهم قبلَنا
إذ رمونا في المنافي كلَّنا."
- " من أنا أختاهُ؟ حقًا من أنا؟"
" -يا أخي اسْمعني وسجّلْ: جدُّنا
جاءَ من حيفا فحيفا مهدُنا
وإليْها العودُ يومًا عهدُنا"
" -حدِّثيني يا مُنى عنْ بيتِنا
عن أبي أمّي خوابي زيتِنا
أينَ منْ كانوا وعاشوا بيننا؟
أينّ منْ كانوا كذا جيرانَنا؟"
" -يا أخي انسَ الأمرَ واسمعْ أمَّنا
قبلَ أنْ ماتتْ هنا قالتْ لنا
آهِ لو تعْلمُ ما قالتْ لنا
أوْ بِماذا طالبتْنا علّنا
نستَطيعُ الفعلَ أيضًا علّنا"
" -حدّثيني خبّريني يا مُنى
بمَ فعلًا طالبتنا أمُّنا؟"
" -طالبَتْنا يا أخي أَنْ تُدْفَنا
معْ قليلٍ من ثرى حيفا هُنا
كيفَ نجني يا تُرى تلْكَ المُنى؟
مستحيلٌ ما رجتْهُ أمُّنا"
ذاتَ ليلٍ بعدَ أنْ نامتْ منى
في فراشٍ مِنَ بقايا بُطِّنا
سارَ صخرٌ خِلسَةً حتى دنا
منْ جدارٍ يستبيحُ الموطِنا
ظلَّ يمشي مستقيمًا مؤمِنا
دونَ خوفٍ أو خُنوعٍ أو خنا
وصلَ الشاطِئَ صخرٌ وانْحنى
فوقَ رملٍ كانَ يرجو وصْلَنا
ثمّ أخفى حَفْنَةً يا ويلنا
لمحَ الأعداءُ صخرًا ابْنَنا
بعدَ أن سارَ طويلًا واهِنا
خانتِ الرجلانِ صخرًا إذ دنا
واحدٌ منهم ونادى مُعلِنا
"موتُ هذا الكلبِ إنجازٌ لنا"
خرَّ صخرٌ إذ أرادوا قتلَنا
وأرادوا عن ثرانا عزلَنا
وَعَنِ الأجدادِ أيضًا فصلَنا
إنْ أضَعْنا في الصحارى خيْلَنا
وَفقدْنا من هوانٍ ظِلَّنا
إنْ جهِلْنا فاستغلّوا جهلَنا
لِمَ لا يرجونَ دومًا ذُلّنا؟
بكتِ الأزهارُ صخرًا قبلَنا
إذ ينافي القولُ منا فِعلَنا
ويجافي الصمتُ فينا قولَنا
قدْ نسيْنا بانهزامٍ أصلَنا
وأبَحْنا بانقسامٍ ما لنا
فأضعْنا ويحَ قلبي صولنا
وأَلِفْنا الذلَّ حتى ملّنا
د. أسامه مصاروه
Thursday, December 31, 2020
الأديب القدير د. اسامة مصاروه / النص / حكاية صخر ومنى
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment