الصحابي جعيل بن سراقة الضمري
ــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 23 تموز - 20 20
جُعَيْل بن سُرَاقة الضمري، وقيل: الغِفَارِي:ويقال: الثعلبي، وقيل جَُعال، وقيل: إنه في عداد بني سواد من بني سلمة، من الأنصار
مواقف مع النبي صلى الله عليه وسلم
عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، أن فلانا، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أعطيت عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس مائة مائة، وتركت جعيل بن سراقة الضمري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلها، مثل عيينة، والأقرع، ولكن تألفتهما على إسلامهما، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه"
عن أبي ذر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: كيف ترى جعيلا؟ قلت: مسكينا كشكله من الناس , قال: وكيف ترى فلانا؟ قلت: سيدا من السادات، قال: فجعيل خير من هذا ملء الأرض، قلت: يا رسول الله، ففلان هكذا، وليس تصنع به ما تصنع، قال: إنه رأس قومه فأتألفهم
كان يعمل مع المسلمين في الخندق فكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قد غيّر اسمه يومئذٍ فسمّاه عَمْرًا، فجعل المسلمون يرتجزون ويقولون:
سَمّاهُ مِن بعدِ جُعَيْلٍ عُمَرْ وكان
للبائسِ
َيوْمًا
ظُهَرْ
فجعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لا يقول من ذلك شيئًا إلاّ أن يقول عمر
قال عبد الله بن أبي نَمِر: وجعل جُعيل يقول مع المسلمين: سماه من بعد جُعيل عمر، وهو يضحك مع المسلمين فعرفوا أنّه لا يبالي.
أسلم قديمًا، وكان من فقراء المهاجرين، شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أُحدًا قال: أسامة بن زيد عن أبيه قال: قال جِعال بن سُراقة وهو يتوجّه إلى أحُد: يا رسول الله إنّه قيل لي إنّك تُقْتَلُ غدًا، وهو يتنفّس مكروبًا، فضرب النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، بيده في صدره وقال: "أليس الدهرُ كلّه غدًا؟"
ويقال: إنّه الذي تصور إبليس في صورته يوم أُحد، روى سراقة عن أبيه، قال: أصيبت عين أخي جُعيل في بني قُريظة، وقال عُمارة بن غَزيّة: بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، جعال بن سراقة بشيرًا إلى المدينة بسلامة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، والمسلمين في غزوة ذات الرّقاع ، وشهد أيضا جعال المُرَيْسيع والمشاهد كلّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
روى الواقديّ في المغازي من طريق العِرْباض بن سارية، قال: كنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في تَبُوك فطلع جعَال بن سُراقة وعبد الله بن مغفَل، وكنا ثلاثتنا نلزمه.
أعطى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المُؤلّفة قلوبهم بالجِعرانة من غنائم خَيْبَر فقال سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله أعطيتَ عُيينة بن حِصن والأقرع بن حابس وأشباههما مائةً مائةً من الإبل وتركتَ جُعيل بن سُراقة الضّمْريّ، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أما والذي نفسي بيده لجُعيل بن سُراقة خير من طلاع الأرض كلّها مِثْلَ عيينة والأقرع ولكني تَألَفْتُهُما ليُسْلِما ووكلتُ جُعيل بن سراقة إلى إسلامه"
كان جُعيل بن سراقة رجلًا صالحًا، وكان دَميمًا قبيحًا" ومن أهل الصفة وفقراء المسلمين
روى الرُّويَانِيُّ في مسنده، وابْنُ عَبْدِ الحَكَم في فتوح مصر، عن أبي ذَرّ ـــ أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال له: "كَيْفَ تَرَى جُعَيْلًا؟" قلت: مسكينًا كشكله من الناس، قال: "وَكَيْفَ تَرَى فُلَانًا"؟ قلت: سيدًا من السادات قال: "لجُعَيْلُ خَيْرٌ مِنْ مِلءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا". قال: قلت: يا رسول الله، ففلان هكذا وتصنع به ما تصنع؟ قال: "إِنَّهُ رَأْسُ قَوْمِهِ فَأَتَألَّفَهُمْ"
لمّا نزل صلى الله عليه وآله وسلم العَرْج والناس معه لا يدرون وجهته صلى الله عليه وآله وسلم، إلى قُريش؟ -بمكة-، أو إلى هوازن؟ -بأوطاس-، أو إلى ثقيف؟ -بالطائف- ويحبون أن يعلموا وجهته، فلمّا جلس صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه في العَرْج وهو يحدثهم، قال كعب بن مالك -وهو من الأنصار-: آتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعلم لكم أين يتوجه!، فجاء وجلس على ركبتيه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال:
قضينا من تهامة كل ريب وخيبر ثم أجممنا السيوفا
نسائلها ولو نطقت لقالت قواطعهن دوسا أو ثقيفا
فسلت لحاضر إن لم تروها بساحة داركم منها ألوفا
فننتزع الخيام ببطن وج ونترك دورهم منهم خلوفا
فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يزد على ذلك، فأخذ الناس يقول بعضهم لبعض: “والله ما بيَّن لنا رسول الله شيئًا!، ما ندري أين يتوجه؛ إلى قُريش أو ثقيف أو هوازن؟؟!”.
وسمع عُيينة بن حصن الفزاري بمسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة، وكان عند أهله بنجد، فجاء المدينة -يوم الأربعاء- فوجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خرج من يومين، فأخذ الطريق المُختصرة من ناحية ركوبة ومعه بعض قومه، فسَبَق إلى العَرْج، فلمّا نزلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءه وقال: “يا رسول الله بلغني خروجك ومن يجتمع إليك فأقبلت سريعًا، ولم أشعر فأجمع قومي فيكون لنا جلبة كثيرة، ولست أرى هيئة حرب، لا أرى ألوية ولا رايات، فالعُمرة تُريد؟ فلا أرى هيئة الإحرام!، فأين وجهك يا رسول الله؟”، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «حيث يشاء الله!».
ثم أكملوا المسير حوالي 10 كم في ساعتين تقريبًا، حتى وصلوا منتصف الطريق بين العَرْج “النظيم” و الطلوب ولمّا كانوا في الطريق رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كَلْبَة تئن على أولادها وتخاف عليهم وهم حولها يرضعون منها، فأمر الصحابي: جُعيل بن سُراقة أن يقف بجوارها حتى لا يتعرض لها أحد من الجيش أو لأولادها ولا يروّعهم، وغربت الشمس وهم في الطريق.
" عُيَيْنَة اسمه حُذيفة، وهو من المؤلفة قلوبهم؛ وسُمِّيَ بعُيينة لمرض أصابه جحظت منه عيناه، وقيل أنَّه من مُسلمة الفتح، والظاهر أنّه أظهر الإسلام قبل ذلك -كما هو المختار-، وكان من الأعراب الأجلاف المعروفين بالغلظة من منطقة نجد شرق الحجاز، وقد سمّاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم “الأحمق المُطاع في قومه”؛ وسبب ذلك: غلظته وسوء أدبه وتسرعه، فقد رُوِيَ أنَّه دخل مرَّة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغير إذن، وعنده أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها -قيل قبل أن ينزل فرض الحجاب-، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وأين الإذن؟»، قال: “ما استأذنت على أحدٍ من مُضَر!”، ثم أشار عُيَيْنَة إلى عائشة وقال: “من هذه الحميراء؟”، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «عائشة، أم المؤمنين»، قال عيينة: “أفلا أنزل لك على أجمل منها؛ أم البنين -زوجة عُيَيْنَة-، فتتزوجها؟!”، فغضبت عائشة رضي الله عنها وقالت: “من هذا يا رسول الله؟”، قال: «هذا أحمق مُطاع، وهو على ما ترين سيد قومه!»، وله إساءات كثيرة أثناء حرب يهود وحصار الطائف كما سيأتي، ومع ذلك فقد استخدمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائدًا على سريّة فيما بعد.
المصادر
1- ابن عبد الحكم - فتوح مصر
2- ابن حجر العسقلاني- الاصابة في تمييز الصحابة
3- ابن الاثير
4- الواقدي - المغازي
5- ابن اسحاق- المغازي
6-أسد الغابة.
7- الطبقات الكبرى لابن سعد.
No comments:
Post a Comment