أرجازُ الشّوقِ والحَنينْ
شعر الصّادق الهلالي
أيّامُ رَبْعِ الرّاحِلِينَ والحَماسَةِ وَلَّتْ
لمَّا تَناسَيْنا حُداةَ العِيسِ بالفَيَافِي
والتَّسْمِياتِ للمُهَنَّداتِ اللاّمِعاتِ فى الوَغى
والذِّكرَياتِ بين خِيامِ النّجعِ والقَوَافِي :
لَيلَى وهِندًا في النَّسيبِ والشّوقِ والتّغنّي،
أشعارَ عَنتَرةَ ووضَّاحِ اليَمنِ: للتَّلاقي ،
بَوْحَ ولاَّدَةَ : صاغَه ابنُ زيدُونٍ للتَّصَافِي،
هَمسًا دقِيقًا رقَّ للمَجدِ انفَردَ به المتنبِّي،
لا نَنْسَى شَوقي رائدًا بالمَجالِ الثّقافي ،
إبداعُهُ الشّعريِّ المسرحيِّ بَوَّأه أميرا للشّعراءِ.
هَا قَدْ أتى زمَنُ الرُّوبُوتِ والنَّاتِ والتَّجَافِي
ما راعَنا أنَّا رأيْنا طُغْيانَ التَّوَحُّدِ عَ الإحسَاسِ
لمّا عَلَا الحزنُ مُحيَّا الإبنِ المُهَمَّشِ الحَافِي
قد صارتِ الأبواحُ عن جائحَةِ الكورونا والوباءِ
أو هِجرةٍ قد أجّجَتْها آمالٌ في الدّخل الكافي
لولا الفسادُ المُتَفَشِّي لكان رغدُ العَيشِ ببِلادي
خيْباتُ شَعبٍ أفرَزَتْ شِعر السّجون، والمنافي
ظُلمًا ومِن فَقرٍ رَمَى شَبابًا في الزَّطلَةِ والشّيكاتِ
إذْ لَوْ ترَشَّدَتِ القياداتُ لحقّقنا الأمنَ والتَّعَافي
أمْ أنّنا نشأنا في زَمنٍ جُبِلنا فيهِ على الإسرافِ
تَخْطِيطُنا فيه سوءُ حَوْكَمَة،ٍ والسّائسُ غَافي
بالرّغمِ مِنْ تَنبيهِ شاعِرٍ مُلهَمٍ:قُربَ نهايةِ المَطافِ
خَوْفًا مِنَ الاستِهدافِ البيولوجي القاتِل الخَافي
أوْ ارتِعابًا مِن سلاحٍ ذَرِّيٍّ، مِنهُ لا يُمكِنُ التّلافي
رُعبًا مِنَ الشّرِّ المُؤَدّي لحسرَةٍ بعدَ فَواتِ الأوانِ
ما عاد عندَنا وَلِهٌ هامَ يَنشُدُ صدرَ الحبيبِ الدَافي
قَد لا يرى ذَوائبَه تَبيَضُّ وهوَ الأعزَبُ الغاوِي
أمْ حارقًا يمزّقُه الحوتُ إرَبا، ببحرنا الصّافي...
قد صار شِعرُنا ملحونًا مُلحّنا للرّابّ والمآسي
أو إنتِقادًا للتّأسّي والتّباكي على أمجادِ أسلافي:
مَجدٌ وإعزازٌ «نعم»، وافتنان في الأعراسِ...
ما عُدتُ ناظِما هافيًا لِسِحرِ الغابِ والأطلالِ
والطّيرِ والأزهارِ الغضّةِ، وأيّامِ اصطِيافي
فالعصرُ عصرُ التّلوُّثِ والدّمارِ الشّاملِ الوافي،
إرباكِ إحساسٍ بدُخانٍ وأزيزٍ، فأين نومُ العوافي؟
راحَ الشُّداةُ والشّدوُ، لصالحِ جَلَبَةٍ، والملاهي
لم يُنسِنِي أزيزُ ما صَنَعُوا أفراحي وأيّام زِفافي
لمّا التّلهُّفُ لإلْفٍ بين الصُّداحِ والخرير الشّافي
والغابِ وأنسامِهِ، أيْنَما تغنّى الشّابّي والرُّصافي
ماذا أقولُ في أيّامٍ أبدَعَ فيها خيرَةُ أسلافي؟
رفعُ المِشعَلِ دأبُهُم، لا رفعُ حجابِ وكلِّ خُرافي
صِرنا نجْرَعُ أحزانًا مِن رُعاةٍ: كالذّئابِ للخِرافِ
هل نأمَلُ التّزكِّي من رُوَّادِ أمّةٍ، لِيتِمَّ إنصافي؟ الشّاعر الصّادق الهلالي
No comments:
Post a Comment