Thursday, October 29, 2020

الأديل القدير د. المفرجي الحسيني / النص / طرقات على الباب

طــرقات علـى البــاب
--------------------------
طرقات على الباب ،أوجس أنها يد تطرق دوما ،يتدفق من ثغر ما ،ريح عاتية ،ساقت إحداهن ،من دروب الموت البعيد ،انزاحت ظلال ،خلف الظلال ،عبر نوافذ بيوت القرية الطينية ،أين تراني ،أخبئ نفسي ،أو أطفئ قنديلي ،ناي القرية يندح بصوت مرتفع لا يصمت ،سيحدث شيء ما ،أنا بلا عمل ،ولا أحد يسأل ،حتى الجار يقرأ عني الخطأ ،بليل حدود يرى ما لا نرى ،أنا التذكار والتاريخ والحكايات ،أنا خبز تنور ،جدتي وأمي لا مثيل لهما ،أنا شاي العصاري ،عند موقد النار ،أنا قبضة سنابل
قمح في الحقول البعيدة ،أنا الألم والآه ،شيء يحدث في فناء داري ،خلف الابواب ،من أين اقتحمنا ،من أين طلّ ،ظل ممتد على أفنية بيوتنا
ساكن فينا، في ليالينا ،في سهر العيون ،إذن هنا أنا ،أمشي على صحراء ولا أغوص ،نساء القرية بخمرهن ،على شاطئ النهر ،يخضن بأرجلهن في الماء ،يغنين، يتهامسن، يتحدثن ،يبلل الماء ضفائرهن ،يرتشقن ماء النهر بأكفهن ،بأضلاعهن، يغادرن ،أنا ملتاع ،أنسلّ مع موج النهر ،أغني وأدبك ،أملئ الافق ،أصرخ ،أركب جملا، أصعد تلا ،أنا بلا شيء ،مكتئب حزين، ،كخنجر عربي ، صدأ في غمده ،أنتحب ، كعرب رحّل
وحيد ، كنخلة أندلسية ،كناي مرمي على كثبان الرمال ،ذاكرتي تتكاثر ،لا أتناثر ،لا أموت ،عرس في البيداء يبدأ ،تزقزق عصافير الوادي ،الرعاة يهرجون مع ثغاء الماعز ،صبية وفتيان كالأنوار ،تحركت الاغصان ،اهتزت وربت الاشجار ،تسطع بأثمارها ،الصحارى والحقول ،تتدفق ،هذا أنا ألوّح ، أصرخ، سأنادي ،تعالوا نجمع أحزاننا ،نعبئ ألامنا، نغني
نمتد الى أعالي الجبال ،ندع سكنا منحوتا في الجبال ،جميلا وحزينا ،ينساب الماء كشلال من عمق الليل ،غناء قديم ،أجراس ترّن ،شال يرفرف كراية، يبرق ،تحضرين في سواد الليل ،تطرقين بابي الموحش
في برية أسكنه ،ليس لها قرار ،أشمّ واستنشق حقول القمح ،ساحل يمتد
أشجارها عالية ،نسائم الريح من صوب البحر ،أغمض عينيّ ،يحشرني الفجر بأنفاسه ،تتحفز مسامات جسدي ،أصرخ ،أشتعل بالأسئلة ،دون أجوبة ،غمضت عيناي، نمت ،الاسئلة لا زالت تقرع صدري ،لم أمت
لكن غطتني أوراق الاشجار ،تسرب عطور الاثمار لأنفاسي ،نسجت الظلال ،تسترت بها، حلمت ،قاومت في غسق دموي ،شاهدت نزع القبور، والنصب ،أتجول بين القرية والنهر ،نبأني اليوم والامس، ومن رحلوا ،ولم يصلوا، أنبأني الامل.. ،صوتي جهور ،ينبغي أن يظل قويا
صارخا في كياني ،تجمعت ،تفرعت في الاشجار ،موزع جسدي في معارك دموية ،في جنون الوقت ،في المدى الحارق ،دمي في كلامي وكل شيء ،دمي الموج في عيون متوهجة ،من تخوم الصحارى ،من سلالة أجدادي ،منذ بدايتهم على أرضهم ،من آثار جمالهم ،في بيدائهم ،برية قاسية ،دم صاخب في الشرايين ،دم لاهب في هامة الرأس ،جسد قريتي يلوب ،ناسها تلوب ،أسى ،أحترق ،يحترق دمي ،أختبئ ،أسكب ما يفي منه ،للزهور البرية ،قريتي القصية الرابضة بعيدا ،أرفع قبضتي جارحة دموية ،يظل صوتي ،ملعلعا في سماء بريتي ،قريتي البائسة ،قالوا قريتي وغبار الرمل ،قالوا صباحا ،هذه القرى ،ليست وجهي ولا أنا منها، أنا وحدي ،لا قمر يؤنسني ،لا رباب ولا ناي ،دمي النافر ،ذهب في جراح الارض ،قطرة من دمي ،عطشى ،سحابة لا عبر باتجاه السماء ،لا عمر مديد ،لكن ما يكفي لأ سفحه عند أول سقوط...
**********
المفرجي الحسيني
طرقات على الباب
العراق/بغداد
28/10/2020


No comments:

Post a Comment