تباهي العلب الفارغة...
قصة قصيرة
الأديب / احمد الحمد المندلاوي
# بينما هو سائر الى مصرف الرافدين لإكمال إحدى معاملاته التقاعدية ؛و أرهقه التعب،و هو في عقده السبعيني ..خفّف من سرعة سيره بعدما شعر بألم راود صدره المتعب من سنابك السنين بين مسقط رأسه في ديالى و تباريح المهجر المفروض عليه..وإذا بكومة من النفايات يطغي عليها منظر العلب الفارغة الزجاجية منها و المعدنية.نظر اليها بلا تعمد ؛و لكن استوقفه ضجيج هائل ينبعث من جوف هذه النفايات المهملة و حركة قويّة و حِراك و صراخ نظر مليّاً فشاهد ما أبهره... و كأن هنا مجتمع رهيب من العلب الفارغة العفنة منها الصغير و المتوسط و الكبير..و منها ما بقي على وضعها مع تعوجات و تكسرات قليلة.. و
منها ما فقد هيأته تماماً و كأنه في حالة إحتضار..ومن في حالة سقم ،ولكن ليسوا جميعاً على وئام و انسجام..
وقف الرجل الهرم،و أخذ يحادث نفسه :
- يا سبحان الله كل شيء في هذه الحياة له مشاكله الخاصة به ،كما له لغة تخاطب؛تذكرت قول الشاعر
المرحوم معروف الرصافي :
لا شيء مما نعلمُ ألا لــهُ تكلمُ
تكلمٌ مختصرٌ يفهمُهُ منْ يفهمُ
نسي الألم،كما نسي العمل الذي جاء من أجله في هذا الصباح الشتائي و السير في الوحل في طرقات بغداد..سمع عويلاً و صراخاً و ضجيجاً من ثناياهم ..عجباً أرى و أسمع و هم يتباهون و يتفاخرون بعضهم على بعض بماركاتهم و
دولهم ..و الشاحنات و الحاويات التي نقلتم للتسويق و التسوق عبر البحار .. و نسوا أنَّهم كلّهم بلا استثناء جيف تفوح منهم أقبح الروائح الكريهة ؛ و تزكم الأنوف!!!...فإذا بآلة ثقيلة لها أسنان غلاظ كتمساح هائل ..تجرفهم كلهم الى مكان بعيد عن المدينة ليكون سكانها في مأمن من تلك القاذورات النتنة؛ الجالبة لأنواع الأوبئة.. دعهم يتفاخرون في جوف المزابل ؛و الى الأبد.
القاص / احمد الحمد المندلاوي
2018/ 178 م - بغداد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كتبت في بغداد يوم
2013 / 10 / 29 م.
No comments:
Post a Comment