Friday, June 5, 2020

الكاتب الاديب Abd Ulijabar Fyad / النص / نكسة حزيران

نكسة حزيران
         (5/ حزيران /1967)

خمسون عاماً
ونحنُ نحرثُ البحرَ بأسنانِ المشط
وعلى الرّيحِ البَذار . . .
نقتاتُ دورانَ النّاعورِ لسقايةِ أرضٍ يباب . . .
لا سنابلَ
يُخيفُها منجلٌ عجوز . . .
لا بيادرَ
يأكلُ منها منقارُ طيرٍ
تيبّسَ من جوع . . .
خمسون عاماً
ونحنُ نُعيدُ ذبحَ الحُسين . . .
صلبَ المسيح . . .
نُخرجُ الحلاّجَ من قبرِهِ
لنمثّلَ بهِ أيّامَ التّشريق . . .
أينَها مطرقةُ قاضٍ
تدمغُ باطلَ الحبرِ السّريّ ؟
الرّصاصُ أساسُ الحُكم . . .
خمسون عاراً
ونحنُ نضرعُ إلى السّماءِ أنْ تجودَ بما أُنزلَ على قومِ موسى النّبيّ . . .
أنْ تفتحَ أمامَنا الأبوابَ من غيرِ مفتاحٍ يُدار . . .
خمسون
ونحنُ لم نزلْ
نتعلّمُ آدابَ الدّخولِ إلى الكنيف . . .
نُصغي بانتباهٍ لقارئةِ الفنجان . . .
تفتُنُنا خطوطُ الكّفِ في شمسِ المعارف . . .
خمسون
ندسُّ الكذبَ الملوّنَ في كراريسِ الصّغار
نُقيّدُ خطوَهم في دروبِ البقاء . . .
في عيونِهم
نغتالُ عصافيرَ الصّباح . . .
من غير تبجيلٍ نَدَعهُ
يسفُّ جوعَه
من طباشيرِ سبورةِ زمنهِ الكسيح . . .
خمسون
ونحنُ نلهثُ وراءَ عرّابينَ
كنّا لهم طوعَ البنان . . .
نأكلُ سقطَ متاعِهم بلذةِ إفطارٍ بعدَ صوم . . .
نلعقُ أصابعَنا قبلَ كُلِّ وليمة
نكيلُ لهُم الثّناءَ بلا صِواع . . .
خمسون
وغِشاوةُ الجّنس
تحجبُ عنّا شروقَ الشّمس . . .
ماءٌ يُراقُ 
كانَ في الوجهِ عزيزاً
لا يُراق . . .
تعلّمْنا فنَّ البَذاءاتِ الملفوفةِ بورقِ
التّواليت . . .
خمسون
خارطةُ وَجعٍ  يوميّ
تمتدُّ من المحيطِ إلى الخليج . . .
حربٌ بين فوقِنا وتحتِنا 
رَفدْناها سنيناً من غباء . . .
نبيعُ الدّمَ العربيّ بسعرِ حُزمِ البرسيمِ في مواسمِ الحصاد . . .
نطبعُهُ وشمَ انتصارٍ على جُدرِ المساجد . . .
خمسون
نحشو جيوبَ الغُرباءِ من جيوبِ أرضٍ
شهدتْ مهبطَ كُلِّ الأنبياء . . .
نأتي بالسّلاحِ موتاً
نجربُهُ لقطفِ أرواحِ الأقربين . . .
نعلّمُ الأخَ كيفَ يفري بطنَ أخيه؟
يحفرُ لهُ جُبّاً
ليدفنَهُ حيّاً ذاتَ يوم . . .
خمسون عاماً
ونحنُ نستبدلُ حروفَ الإنحناءِ بحروفِ الخُبزِ  من صناديقِ الأمم . . .
ليسَ لنا من الذّهبِ الأسودِ سوى دخانهِ الأسود . . .
خمسون
وحسابُ اللّصوصِ أرضٌ حرام
مَنْ يحاولُ تقليبَ صفحاتِهِ الحصينةِ
يموت . . .
حقائبُهُ حُبلى
تُلقي حملَها بعيداً في أقبيةٍ 
تجهلُها بوصلةُ المكان !
خمسون
نصنعُ سيوفَاً من جريدِ النّخلِ لحربٍ في بقاعٍ خالية . . .
مهزومون حتى في نصفِ رقعةِ شطرنج
تُثقلُ صدورَنا نياشينُ الهروبِ من الحروب . . .
خمسون عاماً
ونحنُ نلعنُ الأميركيَّ الذي مضى الذي حضر
الذي يأتي
ونحنُ لم نشبعْ من شمِّ رائحةِ إبطيْه . . .
هل للتّفاهةِ وجهٌ آخر ؟
خمسون
نشنقُ شفاهَ الرّفضِ على أعمدةِ أمانِ الأمّة
سلامةِ سلطانِ الأمة . . .
ايةُ أمّةٍ تمحو أسمَ الأمّة ؟
نُطعمُ القبورَ لحمَ الزّاحفينَ لكتابةِ جديدِ الأمة . . .
خمسون
ونحنُ نطوفُ بأصنامٍ
أوصلتْنا إلى وحلِ هزيمةٍ
ما بقيَ لنا بعدَها حبلُ غسيل  . . .
إلى ذيلِ الرّكبِ
مُصفّدين بأغلالِ خوفٍ
رُكّبَ من خوف . . .
خمسون
نترجمُ نقيقَ الضّفادع
نردّدُ كُلّ صباحٍ صوتَ صفيرِ البُلبل . . .
نقطعُ حناجرَ هُتافٍ لوطنٍ
يتكيءُ على منسأةٍ من عصورٍ
لم يبقَ منها سوى شاهدة  . . .
نرقبُ كافورَ كي يذبحَ لنا العيدَ من قفا . . .
خمسون
ونحنُ نسرقُ نحنُ
نشتمُ نحنُ
نصنعُ خناجرَ من ظلامٍ لطعنِ نحنُ
النّاسُ للأمامِ إلآ نحنُ . . .
خمسون عاما
كذبوا علينا
وما زالوا يكذبون . . .
مؤتمراتُ الجّماجمِ الفارغة
تنفضُّ ببياناتٍ فارغة . . .
تُتلى بمفرداتٍ فارغة
إلآ من وعودٍ فارغة . . .
يا للفراغِ المقدّسِ الذي نعيشُهُ بجيوبٍ فارغة !
فمتى الرّجمُ أيّتُها النّطفُ الباقية ؟
لا
لا تخرُجي الآن
فكُلُّ شيءٍ ملوّثٌ إلآ ما رحِمَ ربّي !
قالَها من قبلُ رجلٌ من العراق *
(لا استثني أحداً . . .
ربَما
الإستثناءُ اهترأ . . .
لا بأسَ
أنْ يُعادَ رتقُهُ من جديد
بعدَ أنْ استعادَ سمعَهم الأموات !!
. . . . .
عبد الجبّار الفيّاض
5 /حزيران/ 2020

* الكبير النّواب .


No comments:

Post a Comment