الصحابي عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 8-2-2020
عَاصِمُ بنُ ثَابِت بن أَبي الأَقْلَح، واسم أَبي الأَقلح قيس بن عِصْمَة بن النعمان بن مالك بن أَمَةَ بن ضُبَيْعَةَ بن زيد بن مالك بن عوف بن عَمْرو بن عوف بن مالك بن الأَوس الأَنصاري الأَوسي ثم الضُّبَعي) يكنى أبا سلمان هو جد عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه من السابقين الأولين من الأنصار شهد معركة بدر، وهو الذي حمته الدبر وهي ذكور النحل من المشركين أن يجزوا رأسه يوم الرجيع، وهو أخو جميلة بنت ثابت زوجة عمر بن الخطاب ووالدة عاصم.
كان عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح بن عصمة من السابقين من الأنصار إلى الإسلام، وهو من بني ضبيعة بن زيد من الأوس، وأمه هي الشموس بنت أبي عامر بن صيفي ضبيعة. ولما هاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، آخى بينه وبين عبد الله بن جحش. وقد شهد عاصم مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم غزوتي بدر وأحد، وكان ممن ثبتوا معه يوم أحد، وقد عُرف عنه مهارته في الرماية، وشجاعته. فقد رُوي أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم سأل من معه ليلة العقبة أو ليلة بدر، فقال: «كيف تقاتلون؟»، فقام عاصم بن ثابت فأخذ القوس والنبل، وقال: «إذا كان القوم قريبًا من مائتي ذراع كان الرّمي، وإذا دنوا حتى تنالهم الرّماح كانت المداعسة حتى تقصف، فإذا تقصّفت وضعناها وأخذنا بالسيوف وكانت المجالدة»، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «هكذا نزلت الحرب، من قاتل فليقاتل كما يقاتل عاصم».
جمع عاصم بن ثابت بين العلم والجهاد فهو الذي جاهد مع النبي في بدر وأحد وقتل عددًا من المشركين وموقفه مع النبي في ليلة العقبة يدل على علمه بالحرب. وهو الذي قتل عقبة بن أبي معيط الأموي يوم بدر وقتل مسافع بن طلحة وأخاه كلاب كلاهما اشعره سهما فيأتي أمه سلافة ويقول: سمعت رجلا حين رماني يقول: خذها وانا ابن الأقلح فنذرت إن أمكنها الله تعالى من رأس عاصم لتشربن فيه الخمر.
وقتل يوم أحد من أصحاب ألوية المشركين: مسافعًا، والحارث. فنذرت أمهما سلافة بنت سعد أن تشرب في قحف رأس عاصم الخمر، وجعلت لمن جاءها برأسه مائة ناقة، فقدم ناس من بني هذيل على رسول الله فسألوه أن يوجه معهم من يعلمهم، فوجه عاصمًا في جماعة، فقال لهم المشركون: استأسروا فإنا لا نريد قتلكم وإنما نريد أن ندخلكم مكة فنصيب بكم ثمنًا، فقال عاصم: لا أقبل جوار مشرك، فجعل يقاتلهم حتى فنيت نبله، ثم طاعنهم حتى انكسر رمحه، فقال: اللهم إني حميت دينك أول النهار فاحم لي لحمي آخره، فجرح رجلين وقتل واحدًا، فقتلوه وأرادوا أن يحتزوا رأسه، فبعث الله الدبر فحمته، ثم بعث الله سيلًا في الليل فحمله، وذلك يوم الرجيع
أبلى عاصم يوم أحد بلاء حسنًا، وقتل يومها من أصحاب اللواء من بني عبد الدار بن قصي الحارث ومسافع ابني طلحة بن أبي طلحة، فنذرت أمهما أن تشرب الخمر في رأس عاصم. وجعلت لمن جاء برأسه مائة ناقة. فقدم ناس من بني لحيان من هذيل على النبي محمد فسألوه أن يوجه معهم نفرًا يقرئونهم القرآن ويعلمونهم شرائع الإسلام. فوجه في صفر سنة 4 هـ معهم سرية مرثد بن أبي مرثد وفيهم عاصم. فلما قدموا بلادهم اجتمع عليهم نحو مائة من بطون رعل وذكوان ولحيان، فقالوا لهم: «استأسروا فإنا لا نريد قتلكم، وإنما نريد أن ندخلكم مكة فنصيب بكم ثمنًا». فأبى عاصم إلا القتال، فرماهم حتى فنيت نباله، ثم طاعنهم حتى انكسر رمحه، فقاتلهم بالسيف، وقال: «اللهم إني حميت دينك أول النهار فاحم لي لحمي آخره»، فجرح منهم رجلين وقتل واحدًا، ثم قتلوه. فأرادوا أن يحتزوا رأسه، فإذا بالدبر تحميه، ثم أمطرت السماء في الليل مطرًا كثيفًا حمله، فلم يصلوا إليه.
الصحابي الجليل الطاهر الذكي العاهد الوفي الذي وفى الله في حياته فحماه الله بعد وفاته. لقد كان من السابقين الأولين من الأنصار شهد بدراً وأحداً ولقد ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما فر الناس يوم احد وبايعه على الموت. وكان من الرماة المشهورين ولما كانت ليلة العقبة أو ليلة بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن معه: كيف تقاتلون؟ فقام عاصم فأخذ القوس والنبل وقال إذا كان القوم قريباً من مئتي ذراع كان الرمي وإذا دنوا حتى تنالهم الرماح كانت المداعسة حتى تقصف وإذا تقصفت وضعناها وأخذنا بالسيوف وكانت المجالدة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم هكذا نزلت الحرب من قاتل فليقاتل كما يقاتل عاصم. ولما جاءت معركة أحد كانت له اليد الطولى في القتال حتى تمكن من حاملي لواء الجيش القرشي (مسافعاً والحارث) فقتلهما ولما سألت أمهما سُلافة بنت سعد أحد أولادها وكان ينازع في حجرها من أصابك يا بني فقال (سمعت رجلاً يقول خذها وأنا ابن أبي الأقلح وهو عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح) فنذرت لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر وجعلت لمن يأتيها برأسه مئة ناقة.
وقدم ناس من هذيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه من يوجه معهم من يعلمهم القرآن والفرائض والدين فوجه النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه منهم «خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وغيرهما وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عاصماً رئيساً لهم» ولما وصلوا إلى ماء الرجيع نكثوا العهود وغدروا بهم وقالوا لهم: استأسروا فإنا لا نريد قتالكم وإنما نريد أن نبيعكم لأهل مكة ونقبض ثمنكم. فما كان من عاصم إلا أن قال أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ثم دعا الله قائلاً «اللهم إني أحمي لك اليوم دينك فاحم لحمي وجعل يقاتل وهو يقول:
ما علتي وأنا جلد نابل
والقوس فيها وتر عنابل
إن لم أقاتلكم فأمي هابل
الموت حق والحياة باطل
وكل ماحم الإله نازل
بالمرء والمرء إليه آيل
كان عاصم بن ثابت ممن أنعم الله عليهم بالعلم والفقه في دين الله وكان على راس الوفد الذي بعثه النبي ليعلم عضل والقارة ولكنهم غدروا بهم. ويروي محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمرو بن قتادة قال: قدم على رسول الله بعد أحد رهط من عضل والقارة فقالوا يا رسول الله إن فينا إسلامًا، فابعث معنا نفرًا من أصحابك يفقهوننا في الدين، ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام.
فبعث رسول الله نفرًا ستة من أصحابه وهم مرثد بن أبي مرثد العنوي حليف حمزة بن عبد المطلب، قال ابن اسحاق هو أمير القوم،وخالد بن البكير الليثي حليف بني عدي، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، أخو بني عمرو بن عوف وخبيب بن عدي أخو بني جحجيي بن كلفة بن عمر بن عوف، وزيد بن الدثنة أخو مني بياضة بن عامر وعبد الله بن طارق حليف بن ظفر رضي الله عنهم.
وفاته
ـــــــ
عن أبي هريرة قال: بعث الرسول سرية عينًا له، وأمر عليهم عاصم بن ثابت فانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزولا ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم في قريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم، حتى لحقوا بهم. فلما رآهم عاصم بن ثابت وأصحابه لجأوا إلى فدفد وجاء القوم فأحاطوا بهم وقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلاً. فقال عاصم بن ثابت: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم فأخبر عنا رسولك. فقال: فقاتلوهم فرموهم حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر، وبقي زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق أن ينزلوا إليهم فنزلوا إليهم فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم، فربطوهم فقال الرجل الثالث الذي كان معهما: هذا أول الغدر فأبى أن يصحبهم فجروه فأبى أن يتبعهم وقال إن لي في هؤلاء أسوة فضربوا عنقه وانطلقوا بخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة.
ولما قتله المشركون أرادوا رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد، وكانت نذرت أن تشرب الخمر في رأس عاصم لأنه قتل ابنيها بأحد، فجاءت النحل فمنعته، فقالوا: دعوه حتى يمسي فنأخذه. فبعث الله الوادي فاحتمل عاصمًا، وكان عاهد الله أن لا يمس مشركًا ولا يمسه مشرك، فمنعه الله في مماته كما منع في حياته يقول صاحب فرسان النهار تذكر عاصم نذر سلافة الذي نذرته وجرد سيفه وهو يقول: "اللهم إني احمي لدينك وادفع عنه فاحمي لحمي وعظمي لا تظفر بهما أحدًا من أعداء الله، الله إني حميت دينك أول النهار فأحمي جسدي أخره"
توفي عاصم وله من الولد محمد أمه هند بنت مالك بن عامر من بني جحجبا بن كلفة
المصادر
ـــــــــ
1- الطبقات الكبرى لابن سعد
2- الإصابة في تمييز الصحابة
3- أسد الغابة في معرفة الصحابة
4- المغازي للواقدي
5- الاستيعاب في معرفة الاصحاب
6- فرسان النهار من الصحابة الأخيار
7- الكامل في التاريخ
8- المنتظم
9- البداية والنهاية
No comments:
Post a Comment